إعداد:
د.
عبد
الرحيم الشريف
صورة
لسفينة مشابهة لسفينة كولومبس
|
رغبةً
في نشر الدين النصراني، ووجود الدولة
العثمانية التي وضعت العراقيل أمام تجارة
أوروبا مع الشرق الأقصى في أواخر القرن
الخامس عشر، فضلاً عن الضرائب الجمركية
المتصاعدة التي كان يفرضها مماليك مصر،
بدأ الناس في أوروبا يتساءلون عن إمكانية
الوصول إلى الهند مباشرة للتخلص من سيطرة
العثمانيين المتزايدة على تجارتهم.
ومن
هنا بدأت حركة الكشف الجغرافي الأوروبي
للبرتغال وإسبانيا، وإن اختلفت كل منهما
عن الأخرى في التوجه، فبينما اتجهت كشوف
البرتغال إلى غرب إفريقيا شرقًا حتى منطقة
جزر الهند الشرقية من خلال طريق رأس الرجاء
الصالح، نجد إسبانيا اتجهت كشوفها غربًا
لتصل إلى نفس الهدف.
وهنا
بدأت الرحلة الشهيرة لكولومبوس الذي
اكتشف أمريكا، والمعلوم أن كولومبوس مات
عام (1506م=912هـ)
وهو
يعتقد أنه وصل إلى آسيا، وأن الجزر التي
اكتشفها إنما هي تلك التي توجد بالقرب من
الهند، ومن هنا ترجع تسميتها إلى جزر
الهند الغربية، وكذلك تسمية سكانها
الأصليين بالهنود، ولم تلبث الأذهان أن
أخذت تشك في أن هذه الأرض التي وصل إليها
كولومبس هي آسيا ولاسيما بعد تلك الرسالة
التي نشرها "أميركو
فسبوتشي".
صورة
لشعار سفينة كولومبس
|
الإسهام
غير المباشر للعرب المسلمين في اكتشاف
أمريكا:
في
مجال (الجغرافيا
الوصفية)
قدم
الجغرافيون العرب والمسلمون نظريات حول
شكل الأرض تؤكد كرويتها للجغرافي الأندلسي
المسلم "أبو
عبد الله البكري"
وللتدليل
على هذه الفكرة قدم عالم آخر اسمه أبو
الفدا (ولد
1273م/672هـ)
بعض
الأدلة المنطقية عليها مثل تغير وقت شروق
الكواكب وغروبها كلما تحرك الشخص من الشرق
إلى الغرب، وتزايد ارتفاع النجم القطبي
والكواكب الشمالية كلما تقدم الشخص نحو
الشمال، وفكرة كروية الأرض هي التي انطلق
منها كولومبس في رحلته الاستكشافية نحو
الغرب والتي وصل من خلالها إلى العالم
الجديد.
صورة
لكريستوفر كلومبس
|
وقد
كانت صناعة الأجهزة من ضمن الإنجازات
العلمية الهامة للمسلمين، ومن أشهر هذه
الأجهزة جهاز الإسطرلاب، والساعة المائية
والمزولة التي كان خط العرض يوضح عليها
بدقة، وكذلك البوصلة التي استخدمها العرب
في أوقات مبكرة كما أشار الإدريسي، وكل
هذه الأدوات استعان بها كولومبس في رحلته
نحو أمريكا.
وأيًا
ما كان الأمر فإننا نعتقد أن كولومبس ما
كان له أن يصل إلى اكتشاف أمريكا بدون
الاستفادة من هذه الخلفية المعرفية
الجغرافية التي قدمها علماء المسلمين
بالإضافة إلى أن ثلث بحارته كانوا من
العرب.
سبق
العرب والمسلمين في الوصول إلى أمريكا:
أصدر
الدكتور يوسف ميروا في دراسة حديثة
بالإنجليزية تفيد أن كثيرًا من المؤرِّخين
يؤكدون أن المسلمين وصلوا إلى شواطئ
أمريكا قبل كولومبس بـ 500
عام،
ويستدلون ابتداءً بما ذكره الجغرافي
والمؤرخ المسلم المسعودي في كتابه “مروج
الذهب ومعدن الجوهر” من أن بحارًا مسلمًا
يدعى ابن سيد القرطبي أبحر من الشاطئ
الغربي للأندلس في عام 889م
وسار في اتجاه مستقيم حتى وصل إلى شاطئ
كبير رجع منه محملاً بكنوز كثيرة، أيضًا
رسم المسعودي في خرائطه مناطق في المحيط
الأطلسي (غرب
القارة الإفريقية والأوروبية)
سماها
الأرض المجهولة.
وأما
كولومبس نفسه فقد ذكر في رسائله ومذكراته
إشارات تصلح للاستدلال؛ إذ أورد أنه رأى
جزيرة حمراء (في
رحلاته لأمريكا)
يحكمها
رجل عربي ينادى بأبي عبد الله، كما اكتشف
أن أهالي جزيرة
سان سلفادور يتكلّمون ببعض الكلمات ذات
الأصول العربية مع بعض التحريف في النطق،
وذكر أنه رأى في الهندوراس قبيلة سوداء
مسلمة يطلق عليهم لقب إمامي.
وفي
مذكراته الشخصية ذكر كولومبس أنه شاهد
مسجدًا في كوبا فوق رأس جبل، كما أن الأسلحة
التي يستخدمها سكان هاييتي هي نفسها التي
كانت تستعمل في إفريقيا.
|
صورة
للخريطة التي أستخدمها كريستوفر كولومبس أضغط على
الصورة لتكبيرها.
|
وكتب
المؤرِّخ الأمريكي وينر أستاذ التاريخ
بجامعة هارفرد يقول:
إن
كولومبس فهم أنه كان يوجد مسلمون في العالم
الجديد، وانحدروا من غرب إفريقيا، وانتشروا
من الكاريبي إلى مناطق مختلفة في شمال
وجنوب أمريكا، وأضاف وينر أن مجموعات من
هؤلاء التجار تزاوجوا مع هنود الأمريكتين.
ويضيف
الدكتور يوسف أن العديد من المصادر
الإسلامية تحدَّثت عن رحلات بحرية تمّت
في المحيط الأطلسي مثل كتاب الإدريسي
“نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” و”مسالك
الأبصار في ممالك الأمصار”..
وفي
كتابه “قصة أمريكا” أورد المؤرخ باري
نيل الكثير من الأدلة (بلغت
565
تسجيلاً)
تشير
لتواجد المسلمين في أجزاء من أمريكا، ومن
بين هذه الأدلة خرائط وآثار وأسماء عربية
مثل مكة (اسم
لقبيلة هندية)،
ومنى وأحمد ومحمد والمرابطين، إضافة إلى
|
صورة
للخريطة التي رسمها بيري رئيس الجغرافي
التركي المسلم تظهر على اليسار خريطة
لشواطئ القارة الأمريكية الشمالية
والجنوبية أما على اليسار فتظهر خاطرة
لشواطئ القارة الأفريقية أضغط على
الصورة لتكبيرها.
|
أمير
البحر العثماني أمير البحر العثماني بيري
رئيس وجهوده في وضع خرائط أمريكا:
في
عام 1929م
اكتشف مدير المتاحف الوطنية السيد خليل
أدهم خارطة لم تكن معروفة حتى ذلك الوقت
للعالم وذلك خلال عملية تصنيف الملفات
في أبنية قصر طوب قابي Top
Kapi قصر
السلاطين العثمانيين الواقع في أجمل
أحياء استانبول.
ما
يهمنا هنا ما رسمه بيري رئيس (Piri
Reis) من
خريطة للعالم عام 1513م
بما فيها القارة الأمريكية المكتشفة في
وقته، ولكن للأسف الشديد لم يبق من تلك
الخريطة سوى الجزء الذي يحوي المحيط
الأطلسي وطرفيه الشرقي والغربي.
لكن
هذا الجزء المتبقى من الخريطة أثار ضجة
بين العلماء، فقد ذكر بيري معلومات لم
يذكرها أحد ممن زار تلك المناطق الجديدة
في ذلك الوقت.
هذه
الخريطة تبين مدى دقة عمل المسلمين،
قارن حواف قارة أمريكا بصورتها المعروفة
حالية، مع الخريطة التي رسمها المسلمون
|
ومما
جاء في تلك الخريطة:
-
هذه
السواحل تسمى سواحل الآنتيل (آنتيليا)،
وقد اكتشفت في سنة 896
هـ
-
الناس
هناك يأكلون لحم الببغاوات ويضعون ريشها
على رؤوسهم.
-
الأسبان
يعاملهم سكان الجزر معاملة كريمة ويبادلونهم
الكرات الزجاجية بالذهب.
-
لغتهم
غير معروفة ونتحدث معهم بالإشارات.
ونحن
ندعو العلماء المسلمين المختصين باللغة
التركية العثمانية المزيد من الاهتمام
بها.
المراجع:
ـــــــــــــــــــــــــــ
1.
إسلام
أون لاين.
2.
منتدى
التاريخ.
3.
مجلة
الفسطاط التاريخية.
4.
مقال
لمحمد النعيمي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire