mercredi 5 juin 2013

حفظ اللسان

قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18].
وقال جل وعلا: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36].
ومن الأحاديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" رواه البخاري ومسلم.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" رواه الترمذي وابن ماجه.
وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل النار؟ قال: "الفم والفرج" وعندما سأل معاذ بن جبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: "كف عليك هذا" فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" رواه الترمذي.
وانظر أخي الكريم إلى عظم الأمر وخطورة الكلمة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" متفق عليه.
وهذا أبو بكر رضي الله عنه آخذا بطرف لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
والكلام أسيرك فإذا خرج من فيك صرت أنت أسيره، والله عند لسان كل قائل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18].
وحين سئل الحسن يوما: كيف أصبحت يا أبا سعيد؟ قال: والله ما مَن انكسرت به سفينة في لجج البحر بأعظم مني مصيبة، قيل: ولم ذاك؟ قال: لأني من ذنوبي على يقين، ومن طاعتي وقبول عملي على وجل، لا أدري أقبلت مني أم ضرب بها وجهي.
فقيل له: وأنت تقول ذلك يا أبا سعيد؟ فقال: ولم لا أقول ذلك، ما الذي يؤمنني من أن يكون الله سبحانه وتعالى قد نظر إليَّ وأنا على بعض هناتي نظرة مَقَتَني بها، فأغلق عني باب التوبة، وحال بيني وبين المغفرة، فأنا أعمل في غير معتمل.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا كتب عليه حتى أنينه في مرضه، فلما مرض الإمام أحمد فقيل له: إن طاوسًا كان يكره أنين المرض، فتركه.
والكثير الآن لا يعد الكلام من العمل وما علم أنه يحصى عليه كل لفظ وقول وأنه غدا محاسب على كل كلمة وحديث.
قال عمر بن عبد العزيز: من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه وينفعه.
وأكد ذلك الإمام الأوزاعي بقوله: من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أن منطقه من عمله قل كلامه.
ولكثرة آفات اللسان والتهاون فيها وإطلاق الألسن في كل مكان وحديث، قال الحسن بن صالح: فتشنا الورع فلم نجده في شيء أقل منه في اللسان.
وغالب آفة اللسان أذى للمسلم ونقص في قدره ورمي له بالتحقير والتصغير ...
والفضيل بن عياض يقول في ذلك: والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرًا بغير حق، فكيف تؤذي مسلما؟!.
وفي حديث صادق ونصائح غالية هذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: خمس لهن أحب إليَّ من الدهم الموقوفة، لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه فضل ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعا فإنه ربَّ متكلم في أمر يعنيه قد وضعه في غير موضعه فعنت، ولا تمار حليما ولا سفيها فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به، واعفه بما تحب أن يعفيك منه، وعامل أخاك بما تحب أن يعاملك به، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالاجترام.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire