mardi 16 avril 2013

نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس

حدثنا المكي بن إبراهيم أخبرنا عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ

قال ابن بطال : معنى الحديث أن المرء لا يكون فارغا حتى يكون مكفيا صحيح البدن فمن حصل له ذلك فليحرص على أن لا يغبن بأن يترك شكر الله على ما أنعم به عليه ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه فمن فرط في ذلك فهو المغبون وأشار بقوله " كثير من الناس " إلى أن الذي يوفق لذلك قليل.
وقال ابن الجوزي : قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم ولو لم يكن إلا الهرم كما قيل
يسر الفتى طول السلامة والبقا فكيف ترى طول السلامة يفعل
يرد الفتى بعد اعتدال وصحة ينوء إذا رام القيام ويحمل

وقال الطيبي : ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - للمكلف مثلا بالتاجر الذي له رأس مال فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله ويلزم الصدق والحذق لئلا يغبن فالصحة والفراغ رأس المال وينبغي له أن يعامل الله بالإيمان ومجاهدة النفس وعدو الدين ليربح خيري الدنيا والآخرة وقريب منه قول الله - تعالى - : هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم الآيات وعليه أن يجتنب مطاوعة النفس ومعاملة الشيطان لئلا يضيع رأس ماله مع الربح وقوله في الحديث " مغبون فيهما كثير من الناس " كقوله - تعالى - : وقليل من عبادي الشكور فالكثير في الحديث في مقابلة القليل في الآية.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : اختلف في أول نعمة الله على العبد فقيل الإيمان وقيل الحياة وقيل الصحة والأول أولى فإنه نعمة مطلقة وأما الحياة والصحة فإنهما نعمة دنيوية ولا تكون نعمة حقيقة إلا إذا صاحبت الإيمان وحينئذ يغبن فيها كثير من الناس أي يذهب ربحهم أو ينقص فمن استرسل مع نفسه الأمارة بالسوء الخالدة إلى الراحة فترك المحافظة على الحدود والمواظبة على الطاعة فقد غبن وكذلك إذا كان فارغا فإن المشغول قد يكون له معذرة بخلاف الفارغ فإنه يرتفع عنه المعذرة وتقوم عليه الحجة

المصدر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire