mardi 30 avril 2013

النفور مما يوغر الصدور


بسم الله الرحمن الرحيم
عن عمرو بن أبي قرة قال كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس من أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة. فيقول سلمان : حذيفة أعلم بما يقول. فيرجعون إلى حذيفة فيقولون له : قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك. فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة فقال : يا سلمان ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سلمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه. أما تنتهي حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال وحتى توقع اختلافا وفرقة ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة. والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر. رواه أبو داود وصححه الألباني
قوله ( وهو في مبقلة ) : أي في أرض ذات بقل ( أما تنتهي ) : أي ألا تمتنع عما تذكر، هذه مقولة سلمان الفارسي قالها لحذيفة ( حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال ) المعنى : حتى تدخل في قلوب بعض الرجال محبة بعض الرجال وفي قلوب بعضهم بغض بعضهم ( فاجعلها ) : بصيغة الأمر أي فاجعل يا الله تلك اللعنة ( صلاة ) : أي رحمة كما في رواية مسلم ، والصلاة من الله تعالى الرحمة
وأخرج مسلم في باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه من كتاب الأدب عن عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم : أوما علمت ما شارطت عليه ربي، قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا. وأخرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة
والمعنى إنما وقع من سبه ودعائه صلى الله عليه وسلم على أحد ونحوه ليس بمقصود بل هو مما جرت به العادة فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا، وإنما كان يقع هذا منه صلى الله عليه وسلم نادرا لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا لعانا. ( والله لتنتهين ) : والحاصل أن سلمان رضي الله عنه ما رضي بإظهار ما صدر في شأن الصحابة لأنه ربما يخل بالتعظيم الواجب في شأنهم بما لهم من الصحبة قاله السندي
هذا أصل عظيم في أدب التعامل مع الصحابة رضي الله عنهم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله موضحا عقيدة أهل السنة والجماعة : ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون..، ثم قال : ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم
وقال أيضا : ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزرٌ مغفورٌ في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة، والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل، علِم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمِهَا على الله

ويستفاد من هذا الأصل التأدب مع البشر عموما، وبالأخص منهم المسلمين. وينبغي الأدب مع العلماء لأنهم ورثة الأنبياء. العلماء بشر يخطئون ويصيبون، يبذلون الجهد لتعليم الأمّة، والأمر ليس سهلا بالأخص في غياب الخلافة الراشدة. وهم قد يختلفون وقد يقول بعضهم كلاما قاسيا لبعض ؛ وفي غالب الأحيان لا نفهم - نحن العامة - سبب اختلافهم. فلا ينبغي فتح الباب للتطاول عليهم. وإنه مما يدمي القلب ما نشاهده ونقرأه في المنتديات من تفسيق ولمز وتشهير. والله المستعان. قال تعالى : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) الحجرات : 11. أي : لا تلمزوا الناس. والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون، كما قال تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة ) الهمزة : 1. فالهمز بالفعل واللمز بالقول كما قال : ( هماز مشاء بنميم ) القلم : 11. أي : يحتقر الناس ويهمزهم طاعنا عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة وهي : اللمز بالمقال ؛ ولهذا قال هاهنا : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) كما قال : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) النساء : 29. أي : لا يقتل بعضكم بعضا. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة ومقاتل بن حيان : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي لا يطعن بعضكم على بعض

راجع

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire