mardi 16 avril 2013

أحاديث في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم


روى البخاري حدثني محمد بن عبيد بن ميمون حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد قال أخبرني ابن أبي مليكة أن أبا عمرو ذكوان مولى عائشة أخبره أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء. يشك عمر. فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده قال أبو عبد الله العلبة من الخشب والركوة من الأدم

سكرات الموت جمع سكرة قال الراغب وغيره السكر حالة تعرض بين المرء وعقله وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر ويطلق في الغضب والعشق والألم والنعاس والغشي الناشئ عن الألم وهو المراد هنا قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه ركوة أو علبة بضم المهملة وسكون اللام بعدها موحدة. قوله شك عمر هو ابن سعيد بن أبي حسين راويه. قوله قال أبو عبد الله هو البخاري . قوله العلبة من الخشب والركوة من الأدم. قال المطرزي : الركوة دلو صغير وقال غيره كالقصعة تتخذ من جلد ولها طوق خشب وأما العلبة فقال العسكري : هي قدح الأعراب تتخذ من جلد وقال ابن فارس : قدح ضخم من خشب وقد يتخذ من جلد وقيل أسفله جلد وأعلاه خشب مدور
قوله إن للموت سكرات. وقع في رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به ، فأبدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره ، فأخذت السواك فقضمته وطيبته ، ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به ، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانا قط أحسن منه ، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال : في الرفيق الأعلى - ثلاثا - ثم قضى ، وكانت تقول : مات بين حاقنتي وذاقـنـتـي .وفي لفظ : فرأيته ينظر إليه ، وعرفت أنه يُحب السواك ، فقلت : آخذه لك ؟ فأشار برأسه : أن نعم . هذا لفظ البخاري ، ولمسلم نحوه .
روايات الحديث :في رواية للبخاري . قالت : دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن ، فأعطانيه ، فقصمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستن به وهو مستسند إلى صدري . وبوّب عليه الإمام البخاري بـ : باب من تسوك بسواك غيره .
وفي رواية للبخاري أيضا
: قالت : توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض فذهبت أعوذه فرفع رأسه إلى السماء وقال : في الرفيق الأعلى . في الرفيق الأعلى . ومَـرّ عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده جريدة رطبة فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه ، فاستن بها كأحسن ما كان مستنا ، ثم ناولنيها فسقطت يده أو سقطت من يده ، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة .
وفي رواية له
: فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته .
وأخرج مسلم في كتاب فضائل الصحابة عن عائشة قالت
: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول : أين أنا اليوم ؟ أين أنا غدا ؟ استبطاء ليوم عائشة . قالت : فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري .
مسائل الحديث

شدة الموت لا تدل على نقص في المرتبة بل هي للمؤمن إما زيادة في حسناته وإما تكفير لسيئاته

فضل عائشة رضي الله عنها
وتدلّ عليه رواية مسلم من أن النبي صلى الله عليه على آله وسلم كان يتحرّى يوم عائشة رضي الله عنها .وقولها رضي الله عنها : فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة .وموته صلى الله عليه على آله وسلم ورأسه بين سحرها ونحرها – أي على صدرها – . تلمسها – رضي الله عنها – حاجة النبي صلى الله عليه على آله وسلم حيث قالت : فرأيته ينظر إليه ، وعرفت أنه يُحب السواك .ذكاء عائشة رضي الله عنها قالت : فقلت : آخذه لك ؟ فأشار برأسه : أن نعم . ففهمت مجرد الإشارة . وهكذا ينبغي أن تكون الزوجات في حسن المعاشرة مع الأزواج تعرف ما يُريد زوجها ، وتعرف ما يُحب وما يكره ، وتتطلّب ما تتوق إليه نفسه . والكلام في ذلك يطول .
وفضائل عائشة رضي الله عنها أشهر وأكثر من أن تُذكر . فمن لم يرض بها أُمّـاً له لم يكن من المؤمنين لقوله تعالى : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وفي هذا فضل لبيت أبي بكر وآله .قال ابن الجوزي رحمه الله : أربعة تناسلوا ، رأوا رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : أبو قحافة ، وابنه أبو بكر ، وابنه عبد الرحمن ، وابنه محمد ويكنى أبا عتيق . انتهى . وهذا لا يُعرف لغيرهم .
جواز دخول أقارب الزوجة بيت الزوج إذا كان لا يكره ذلك ، وتقدّم مثل هذا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وهو الحديث الخامس عشر .
تلطف الزوجة مع زوجها ، ووضعها يدها على محلّ الألم ، وتعويذه . تدلّ عليه رواية البخاري : وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض . ومثله الزوج أن يتلمّس مواضع الألم من زوجته ويحنو عليها ، ولهذا الفعل أثر نفسي أكثر من كونه أثر فعلي . فالرجل إذا وضع يده على مكان الألم من زوجته كان له عظيم الأثر في نفس المرأة ! وإن لم يذهب الألم ، وإن بقي الداء ، لكنها تشعر أنه يُحسّ بها وبآلامها .
جاء في حديث أم زرع – المتفق عليه – أن إحدى عشرة امرأة جَـلَـسْـنَ ، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا - فَذَكَرَتْ كل واحدة مثالب زوجها أو مناقبه - قالت السادسة : زوجي إن أكل لف ، وإن شرب اشتف ، وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البثّ .قال ابن حجر : ( ولا يولج الكف ليعلم البث ) أي لا يَمُدّ يده ليعلم ما هي عليه من الحزن فيزيله ... والمراد بالبث الحزن ويقال شدة الحزن ، ويطلق البث أيضا على الشكوى ، وعلى المرض ، وعلى الأمر الذي لا يُصبر عليه ، فأرادت أنه لا يسأل عن الأمر الذي يقع اهتمامها به ، فوصفته بِـقِـلَّـةِ الشفقة عليها ، وأنه أن لو رآها عليلة لم يُدخل يده في ثوبـها ليتفقّد خبرها . انتهى . فهي تعيبه بذلك
فالمواساة بين الزوجين عند حلول كرب أو نزول مرض . فالأول يدل عليه فعل خديجة رضي الله عنها مع رسول الله لما نزل الوحي أول ما نزل . والثاني يدلّ عليه فعل عائشة رضي الله عنها كما تقدّم .
قولها : ومع عبد الرحمن سواك رطب .لا شك أن السِّواك الرطب أجود ، وهو أنواع أيضا . وأجوده ما كان متوسطاً ، فلم يكن قاسياً يُدمي اللثة ، ولا رخواً لينا لا يفي بالغرض .وقد جاء في رواية للبخاري : ومَـرّ عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده جريدة رطبة ، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فظننت أن له بها حاجة ، فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها ، فدفعتها إليه . والجريدة الرطبة محمولة على السواك ، أو السواك الرطب محمول على أنه من الجريد ، والعرب تستاك بالعسيب .
يستنّ به . أي يستاك .
قولها : فأبَـدّه بصره . يعني ابتعه بصره ونظر إليه .قال ابن حجر : وفي رواة : فأمـدّه والمعنى واحد ، وهو من إتباع البصر وإطالته نحو الشيء .
قولها : فقضمته . أي مضغته ، والقضم الأخذ بطرف الأسنان . وفي رواية فقصمته : أي كسرته أو قطعته . وقيل : القضم لليابس ، والخضم للرطب . وفيه فائدة قضم السواك المستعمل إذا أراد الإنسان استعمال سواك غيره . وقضم سواكه بين فترة وأخرى ، خاصة إذا ضعف طرف السواك الذي يستاك به .وفي رواية : فقضمته ونفضته وطيبته . النفض : هو التحريك . والتطييب : قيل فيه : الغسل ، وهو بعيد لأن عائشة رضي الله عنها كانت مُسندة النبي صلى الله عليه على آله وسلم على صدرها . والصحيح أن التطييب هنا يُقصد به التنعيم والتليين .
جواز الاستياك بسواك الغير من غير كراهة ، إلا أنه يغسله أو يقضم رأسه قبل أن يستاك به .
إصلاح الزوجة السواك لزوجها .
جواز العمل بالإشارة المُفهِمـة . وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعملون بمقتضى الإشارة المُفهِمة .ففي الصحيحين من حديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ ، فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا .
قوله عليه الصلاة والسلام : في الرفيق الأعلى . أي أنه اختار الموت على الحياة ، واختار الرفيق الأعلى .قال القاضي عياض في معناها أربع تأويلات :أحدها : أنه من أسماء الله ، وأنكره الأزهري لورود رواية " مع الرفيق الأعلى " ثانيها : أنه جماعة الأنبياء ، يدلّ عليه قوله في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أسمع لا يموت نبي إلا خير بين الدنيا والآخرة قالت فأصابته بحة في مرضه الذي مات فيه فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فظننت أنه خير
ثالثها : أنه مُرتفق الجنة .رابعها : أنه اسم لكل سماء .
والذي يترجّح الثاني من هذه الأقوال لدلالة الحديث الصحيح عليه .
قولها رضي الله عنها : ثم قضى . أي مات .
حرصه عليه الصلاة والسلام على السُّـنّـة والتزامها وامتثالها حتى مات . فقد حرص عليه الصلاة والسلام على السواك حتى مات .
قولها رضي الله عنها : مات بين حاقنتي وذاقنتي وفي الرواية الثانية : بين سحري ونحري وفي رواية : وأنا مُسندته على صدري
المعنى واحد . أي أنه صلى الله عليه على آله وسلم مات وهو مُسند رأسه على صدر عائشة رضي الله عنها . والحاقنة : ما سفل من الذقن ، أو الحاقنة نقرة الترقوة ، إن الحاقنة المطمئن من الترقوة والحلق . وقيل غير ذلك . والذاقنة : ما علا من الذقن ، وقيل : الذاقنة طرف الحلقوم . والسَّحر : هو الصدر وهو في الأصل الرئة . والنحر : المراد به موضع النحر .
وفاته صلى الله عليه على آله وسلم كانت في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة . وكان له صلى الله عليه على آله وسلم من العُمر يومئذٍ ثلاث وستون سنة على الصحيح . فصلوات ربي وسلامه عليه أزكى صلاة ، وأتمّ تسليم .
والله أعلم .
المصادر
شرح أحاديث عمدة الأحكام للشيخ عبد الرحمن السحيم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire