jeudi 23 mai 2013

الديموغرافيا الإيرانية و أثرها على البيئة السياسية

حسن الرشيدي

خاص بالبينة/الثلاثاء10-7-2007
تعطي الخريطة السكانية لبلد ما رؤية عميقة للصراع السياسية في هذا البلد .
و الدراسات السكانية أو ما يعرف بالديموغرافية هي جزء من دراسة الجغرافيا البشرية التي هي في الأساس إحدى مناهج التحليل السياسي و تعطي منظورا مهما للأحداث.
و الخصائص السكانية يمكن تحديدها في تركيب السكان من حيث النوع والجنس والعمر والحالة الزوجية والحالة التعليمية والحالة المهنية ومتوسط الدخل ...الخ فهي تؤكد نوعية السكان طبقا لمجموعة من المتغيرات التي يختلف حيالها السكان ويتباينون وتساعد هذه المتغيرات على تحديد البناء الاجتماعي لهؤلاء السكان وذلك من خلال التركيب الطبقي الذي ينتمون إليه.
كما إن الخصائص السكانية تشمل أيضا معدلات المواليد والوفيات والزيادة والكثافة وحركة السكان الداخلية والخارجية والخصائص العرقية والثقافية.
يبلغ عدد سكان إيران حوالي 70 مليون نسمة نصفهم من الفرس القومية الرئيسية في إيران والنصف الباقي : أذريون (25%) وأكراد (7%) وعرب (3%) وبلوش وتركمان وغيرهم.
و في إحصاء أدق :
فرس 51 %
آزاري 24 %
جيلاكي ومازنداراني 8%
أكراد 7 %
عرب 3 %
لور 2 %
بلوش 2 %
تركمان 2 %
أخرى 1 %
و إيران في المرتبة العشرين عالميا من حيث العدد.
و في توثيق لهذه المعلومات أعلن رئيس منظمة الإحصاء الإيرانية في 26 نوفمبر 2006 أن عدد سكان البلاد تضاعف منذ الثورة الإسلامية العام 1979 ويتجاوز حالياً السبعين مليوناً.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن محمد مداد قوله إن أحدث إحصاء سكاني أظهر أن العدد الإجمالي لسكان البلاد بلغ 70 مليوناً و49 ألفاً و262 نسمة.وأوضح المسح أن 19 في المائة من السكان أكثر من 13 مليوناً يقيمون في العاصمة طهران مما يجعل المدينة من أكثر مدن البلاد من حيث الكثافة السكانية. وكان سكان العاصمة قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979 بلغوا 3.5 ملايين نسمة. ومن بين إجمالي السكان يعيش أكثر من 68 في المائة في المدن في حين يعيش 32 في المائة في مناطق ريفية وتمثل النساء 49 في المائة من عدد السكان.
و يشير المركز الإحصائي الإيراني إلى أن عدد السكان في إيران قد ارتفع من 3.33 مليون نسمة عام 1975 إلى نحو 50 مليونا عام 1986 ثم ارتفع ليصل إلى 64,6 مليون عام 1997 وأخيرا إلى ما يقرب من 67 مليونا وفق تقرير التنمية البشرية لعام 2001 ومن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 83,1 مليون نسمة عام 2015.
ويقدر معدل النمو ب3,9% سنويا منها 3,2% نتيجة للزيادة الطبيعية و0,7% بسبب الهجرة وتتوقع بعض الدوائر السكانية أن هذا المعدل سيتراجع نتيجة تراجع محددات النمو لاسيما الخصوبة إلى 1,4% مع قدوم عام 2015.
ويعود تراجع معدل الخصوبة الإجمالي ويقصد به مجموع مواليد المرأة الإيرانية طوال حياتها الإنجابية إلى ارتفاع مستويات التعليم عند المرأة الإيرانية وكذا ارتفاع معدلات المشاركة في النشاط الاقتصادي إذ ساهمت المرأة بنحو 16% من إجمالي النشيطين اقتصاديا في إيران عام 1997 وارتفعت هذه النسبة في ظل السياسات الجديدة التي أوجدتها الحكومة الإصلاحية بقيادة الرئيس محمد خاتمي حيث أولت تلك الحكومة المرأة اهتماما كبيرا لا سيما فيما يتعلق بدورها في الحياة العامة. هذا وتستحوذ الأعمال الفنية والمهنية على ما يربو على 32,6% من إجمالي العاملات في إيران حين تركز 3,5% منهن على الأعمال الإدارية.
ومن الجدير بالذكر أن معدل الخصوبة الكلية - حسب بيانات صادرة عن وزارة الصحة الإيرانية - قد انخفض من 5,6 ولادة لكل امرأة عام 1985 إلى 2,0 ولادة عام 2000 وكان انخفاض الخصوبة ملحوظا بوجه خاص في المناطق الريفية بإيران حيث انخفض معدل الخصوبة في هذه المناطق في الفترة من 1976 - 2000 من8,1 ولادة لكل امرأة إلى 2,4ولادة بينما انخفضت خصوبة المرأة الحضرية من 4,5 ولادة إلى 1,8 لكل امرأة في الفترة ذاتها.
وقد أرجع المتخصصون انخفاض معدلات الخصوبة بالدرجة الأولى إلى زيادة إقبال النساء المتزوجات على تعاطي وسائل منع الحمل فخلال عام 2000 استخدمت النساء المتزوجات وسائل تنظيم الأسرة بنسبة 74% مقارنة ب 37% عام 1976 فضلا عن أن التغيرات التي تحدث أنماط الزواج كان لها أثرها أيضا على الخصوبة فقد زاد متوسط عمر المرأة عند الزواج الأول من 19,7 سنة عام 1976 إلى 22,4 سنة عام 1996.
و الملاحظ أن عدد سكان إيران يعادل سكان تركيا أو مصر. وهذه هي الدول الثلاث الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.
و في نفس الوقت فإن عدد سكان إيران يعادل ثلاثة أضعاف عدد سكان العراق و أيضا أكثر من ثلاثة أضعاف عدد سكان دول الخليج مجتمعة .
و يلاحظ الباحثان باتريك ل. كلاوسون وميكائيل روبين في كتابهما إيران الأبدية .. الاستمرارية والفوضى والذي نشر في لندن عام 2006 أن عدد سكان إيران في بداية القرن العشرين لم يكن يتجاوز العشرة ملايين نسمة ثم أصبح الآن سبعين مليونا وهذا تزايد ضخم جدا خلال قرن واحد. ولكن يبدو أن نسبة التزايد قد خفت كثيرا في السنوات الأخيرة. فقد كانت عام 1970 بمعدل خمسة أطفال للمرأة الواحدة ولكنها أصبحت الآن 82,1 فقط.
أما من حيث التركيبة الدينية و المذهبية للسكان الإيرانيين :
يوضح تقرير المركز الإحصائي الإيراني أن عدد سكان إيران البالغ عددهم زهاء الثمانية والستين مليونا ينقسمون إلى عدد الديانات والمذاهب. يمثل عدد المسلمين منهم حوالي 98,8% من السكان منهم 91% من المذهب الشيعي و7,8% ينتمون إلى المذهب السني ويمثل المسيحيون نسبة 0,7% واليهود 0,3% والزرادشتيون 0,1% بينما تمثل باقي الديانات الأخرى نسبة 0,1%.
و من هنا يظهر أن التقارير الرسمية الإيرانية تحاول التقليل من نسبة السنة و نظرا لعدم وجود إحصائية دقيقة و عدم السماح بأية جهة أو منظمة بالقيام بإحصائية الأقليات المذهبية و القومية في إيران، من الصعب جداََ تحديد عدد الذين ينتمون إلى أهل السنة و الجماعة. لكن على الرغم من كل ذلك نستطيع أن نجزم بأن عددهم يقدر بأكثر من 18 مليون نسمة من إجمالي سكان إيران عندما كان عددهم حوالي 65 مليون وهذا العدد يعادل نسبة أكثر من 25% من سكان إيران. ويتركز أهل السنة من الناحية الجغرافية في المناطق الحدودية وعدد من المدن المتفرقة. ومن المناطق التي يقطنها أهل السنة محافظة كردستان، محافظة أذربيجان الغربية، محافظة كرمنشاه، منطقة تركمن، صحراء محافظة خراسان، محافظة ستيستان - بلوشتان، محافظة هرمزكان، محافظة فارس.
و لكن إذا كانت هذه أهم المعلومات الديموغرافية عن سكان إيران فما هي أحوال هؤلاء السكان؟
أولا / ازدياد نسبة المكتئبين :
في 16 من أبريل عام 2007 أعلن في طهران أن نحو 25 في المائة من سكان إيران مصابون بأمراض نفسية وأفاد د. أحمد جليلي رئيس رابطة أطباء النفس أن عدد المرضى النفسيين الذين يراجعون العيادات يبلغ 20 ـ 25 في المائة من عدد سكان البلاد حيث يعيش قسم كبير منهم في العاصمة وأضاف إن الإحصاء يتعلق بالسكان من فئة ال15 سنة وما فوق.
وأكد رئيس الرابطة أن مرض الاكتئاب هو الأكثر رواجا في إيران بين الأمراض النفسية حيث يبلغ عدد النساء المصابات بهذا المرض ضعف عدد الرجال.
ثانيا /في إيران أعلى نسبة مدمنين في العالم
وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005 الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون في العالم توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم إذ أن 2.8 في المائة من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة مدمنون على نوع من المخدرات وإلى جانب إيران توجد دولتان فقط في العالم تتعدى نسبة المدمنين فيهما 2 في المائة وهما موريشيوس وقرغيزستان. وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن عدد سكان إيران يصل إلى 70 في المائة وأن بعض الإدارات الحكومية تعتقد أن عدد المدمنين يصل إلى 4 ملايين شخص فإن ذلك يضع إيران على قمة عدد السكان المدمنين في العالم للمواد المخدرة بما في ذلك الهيروين وعندما دمر الزلزال مدينة بام في نهاية عام 2003 كان من بين مواد الإغاثة التي أرسلتها الحكومة إلى المدينة جرعات من الميثادون وهو مخدر مركب يستخدم لعلاج مدمني الهيروين والمورفين حيث يعتقد أن 20 في المائة من سكان المنطقة من المدمنين.
ثالثا / أعلى نسبة انتحار في إيران
كشفت صحيفة نيمروز عدد 582 أن المسؤولين في منظمات البيئة والصحة في النظام الإيراني قد كشفوا عن أن إيران قد سبقت العالم في نسبة الانتحار : معدل الانتحار في العالم بين 11 إلى 12 شخص في كل مائة ألف، ووصل هذا العدد في إيران إلى 25 إلى 30 منتحر في كل مائة ألف. وأعلن مسؤولو هذه المنظمة أن هذه المسألة سوف تكون كارثة داخلية مخجلة أمام العالم، وقالوا إن الضغوطات السياسية والاجتماعية والثقافية والغلاء الفاحش هي من أسباب الانتحار.
رابعا / اضطهاد أهل السنة :
أدرك حكام طهران خطورة وجود الكيان السني في إيران وأنها بمثابة القنبلة الموقوتة التي تهدد مستقبل مصالحها السياسية والعقائدية في الداخل والخارج على السواء، لذا فقد سعت منذ نشأتها الأولى ليومنا هذا إلى إبادة هذا الكيان بشتى الوسائل وجميع الطرق للتقليل من أثر هذا الانفجار وللحد من آثاره المترتبة، والتي كما أسلفنا أنها لا تودي بحياة أحلام وأهداف حكام طهران فقط بل تتعداها إلى القضاء على حياة من يخططون لها أيضاً، وقد أخذت هذه الإبادة صوراً شتى وأساليب عدة بدءاً بأسلوب الغزو الفكري وغسيل الأدمغة وانتهاء بأساليب محاكم التفتيش والتطهير المذهبي على غرار ما فعله صرب البوسنة من التطهير العرقي ضد المسلمين هناك.
وتقول مجلة السنة إن هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة لم تترك للسنة مجالاً إلا وحاربتهم فيه : فمن الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية والمذهبية إلى محاربة الاقتصاد والتعليم والنمو السكاني لدى السنة والسعي الحثيث لطمس معالم أهل السنة في البلد حتى ولو كانت على شكل مساجد ومدارس تاريخية، بل حتى التاريخ نفسه لم ينج من هذا الطمس من حيث تزويره والتلفيق فيه وعزل السنة عنه، هذا عدا سياسة التصفية الجسدية لقادة وعلماء السنة.

المصدر : البينة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire