jeudi 23 mai 2013

فوائد من غزوة الأحزاب

فوائد من غزوة الأحزاب
اليهود يعرفون الحق ولا يريدون اتباعه : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) سورة البقرة. وهم مع ذلك يحاربونه ويسعون في الأرض فسادا : إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) سورة آل عمران. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) سورة المائدة. فلا غرابة إذن من عداوتهم لرسول الله وللمؤمنين، فهم يحسدونهم على الهدى والخير الذي هم فيه. مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) سورة البقرة. وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) سورة البقرة. ومن طبيعتهم الغدر ونكث العهود كما فعل بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة. هذه طبيعة خبيثة ينبغي التفطن لها ؛ فالمنادون بالسلام - بل الاستسلام - معهم يرتكبون جريمة في حق البشرية عن جهل بل عن خور. وإن في قولهم لقريش : "بل دينكم خير من دينه" لأكبر دليل على خبثهم. فهم أهل كتاب وموحدون فدينهم أقرب إلى الإسلام منه إلى الوثنية. فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) سورة الحج. انظر إلى طبيعتهم العدائية لغيرهم من كتابهم المقدس.
يقظة المسلمين : وتتجلى خلال هذه الغزوة فقد استنفدوا كل قواهم لصد الأعداء. وكذلك ينبغي أن نكون. إن جيوش الأحزاب جاءت لتستأصل الإسلام من الأرض. لا حظ قول حيي بن أخطب ‏:‏ إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه. فَهِم الصحابة هذا فالتفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصرهم الله عز وجل. وما فتئ أعداء الله يتربصون بالإسلام والمسلمين شرا، وهكذا حالهم إلى قيام الساعة ؛ فالباطل لا يقبل أن يكون هناك حق : فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) سورة النمل. قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) سورة الأعراف. وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً.. الآية (89) سورة النساء.
فأمريكا وحلفاؤها يستعملون القوة العسكرية في حربهم على المسلمين كما حدث في العراق وأفغانستان ؛ وكما هو الحال في فلسطين وبلاد الشيشان... وإلى جانب ذلك يقومون بحرب فكرية لصد الناس عن دين الحق (انظر ملخصا عن تقرير راند : بناء شبكات مسلمة معتدلة).
وسبحان الله، الكفرة منذ القديم يستعملون طريقة الحرب الدعائية والمواجهة المسلحة، كما وقع في غزوة الأحزاب.
لا حظ معي موقفا ليهود يفضحه القرآن : قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) سورة آل عمران. (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون) هذه مكيدة أرادوها ليلبسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم، وهو أنهم اشتوروا بينهم أن يظهروا الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس : إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب في دين المسلمين، ولهذا قالوا : (لعلهم يرجعون). قال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى إخبارا عن اليهود بهذه الآية : يعني يهود صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر وكفروا آخر النهار، مكرا منهم، ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه. وقال العوفي عن ابن عباس : قالت طائفة من أهل الكتاب : إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون : هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا. وقوله : (ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) أي : لا تطمئنوا وتظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم، قال الله تعالى : (قل إن الهدى هدى الله) أي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان، بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات والدلائل القاطعات والحجج الواضحات، وإن كتمتم - أيها اليهود - ما بأيديكم من صفة محمد في كتبكم التي نقلتموها عن الأنبياء الأقدمين. وقوله (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم) يقولون : لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين فيتعلموه منكم ويساووكم فيه ويمتازوا به عليكم لشدة الإيمان به أو يحاجوكم به عند الله، أي : يتخذوه حجة عليكم مما بأيديكم فتقوم به عليكم الدلالة وتتركب الحجة في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى : (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء) أي الأمور كلها تحت تصريفه وهو المعطي المانع يمن على من يشاء بالإيمان والعلم والتصور التام ويضل من يشاء ويعمي بصره وبصيرته ويختم على سمعه وقلبه ويجعل على بصره غشاوة، وله الحجة والحكمة.
الالتزام بمبدإ الشورى : لحفر الخندق أولا ثم لرد شر غطفان ثانيا. قال ابن حجر في الفتح : وفي حديث أبي هريرة : ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم. ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، وقد أشار إليه الترمذي في الجهاد فقال : ويروى عن أبي هريرة فذكره. لقد كان ذلك حاله صلى الله عليه وسلم في غزواته، وفي شؤون بيته وفي أموره كلها فيما لم ينزل فيه وحي. وفي ذلك قدوة لكل مسلم.
طاعة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ومنها نأخذ طاعة القائد ما لم يأمر بمعصية. وتتجلى تلك الطاعة في تعاونهم على حفر الخندق وامتثالهم لأوامره في حراسة المدينة وفي موقف حذيفة رضي الله عنه
صبر الصحابة على الجوع وعلى كل ما لاقوه في سبيل الله
تعلق المؤمنين بالآخرة : وهذا هو بيت القصيد. قوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏‏‏اللهم لا عَيشَ إلا عيشُ الآخرة. ومتابعة الصحابة له في ذلك
قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لرجلٍ : ما تقولُ في الصَّلاةِ؟ قالَ أتشَهَّدُ ثمَّ أسألُ اللَّهَ الجنَّةَ وأعوذُ بِهِ منَ النَّارِ، أما واللَّهِ ما أُحسنُ دندنتَكَ ولا دندنةَ مُعاذٍ. قالَ : حولَها نُدَنْدنُ. صحيح ابن ماجه
تمحيص الصفوف حتى يتبين الصادق من الكاذب. قال تعالى : وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) سورة آل عمران. الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) سورة العنكبوت.
استجابة الله لدعاء سعد بن معاذ رضي الله عنه، وذلك أن أقر عينه في بني قريظة قبل أن يموت.
تفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الموقف وتخطيطه لمجابهة الخطر : وهكذا يجب أن يكون القائد، فلا يستسلم ولا يهون. وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) سورة آل عمران
جواز الكذب في الحرب : ويؤخذ من خطة نعيم بن مسعود لتشتيت شمل الأعداء
الالتجاء إلى الله بالدعاء من صفات الصادقين. وفي الحديث : لا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ ولا يردُّ القدرَ إلَّا الدُّعاءُ ... حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه
في إرسال الريح والملائكة على الكافرين : النصر من عند الله، وما يعلم جنود ربك إلا هو. وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) سورة آل عمران. إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) سورة الأنفال. وفي غزوة الأحزاب، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) سورة الأحزاب.

نسأل الله تعالى أن ينفعنا بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والله أعلم


المصادر
فتح الباري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب قول الله تعالى وأمرهم شورى بينهم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire