mardi 14 mai 2013

فوائد من سورة الأنفال

بسم الله الرحمن الرحيم
في موضوعنا فوائد من قصص الأنبياء، وصلنا إلى النتيجة التالية : المؤمنون إخوة يوالي بعضهم بعضا ولا يجوز موالاة الكافرين بأي حال
ولنستفد الآن من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم العطرة. ولنبدأ من هذه النقطة : الولاء والبراء
قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) سورة الأنفال
ذكر تعالى أصناف المؤمنين وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاؤوا لنصر الله ورسوله وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك. وإلى أنصار، وهم المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم وواسوهم في أموالهم، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم. فهؤلاء بعضهم أولى ببعض أي : كل منهم أحق بالآخر من كل أحد ؛ ولهذا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، كل اثنين أخوان، فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة، حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث، ثبت ذلك في صحيح البخاري عن ابن عباس ورواه العوفي وعلي بن أبي طلحة عنه
وقوله : (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) هذا هو الصنف الثالث من المؤمنين وهم الذين آمنوا ولم يهاجروا بل أقاموا في بواديهم، فهؤلاء ليس لهم في المغانم نصيب ولا في خمسها إلا ما حضروا فيه القتال
عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا. رواه مسلم في صحيحه
وقوله : (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير). يقول تعالى : وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم ؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار (بينكم وبينهم ميثاق) أي : مهادنة إلى مدة فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنه
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (73). لما ذكر تعالى أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض قطع الموالاة بينهم وبين الكفار. فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. صحيح البخاري
ومعنى قوله تعالى : (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). قال ابن كثير : إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت الفتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمن بالكافر فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض. وقال ابن إسحاق : جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولايته في الدين دون من سواهم، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض. ثم قال : إلا تفعلوه، وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمنين. تكن فتنة : أي محنة بالحرب ، وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر. والفساد الكبير : ظهور الشرك
قال القرطبي : قال علماؤنا في الكافرة يكون لها الأخ المسلم : لا يزوجها، إذ لا ولاية بينهما ويزوجها أهل ملتها. فكما لا يزوج المسلمة إلا مسلم فكذلك الكافرة لا يزوجها إلا كافر قريب لها. عن أبي حاتم المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه إن لا تفعلُوه تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ. قالوا : يا رسولَ اللهِ وإن كان فيه؟ قال : إذا جاءكُم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأنكِحوهُ. حسنه الألباني في إرواء الغليل والتعليقات الرضية
والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم (74). لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا، عطف بذكر ما لهم في الآخرة، فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان وأنه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن ذنوب إن كانت، وبالرزق الكريم وهو الحسن الكثير الطيب الشريف، دائم مستمر أبدا لا ينقطع ولا ينقضي، ولا يسأم ولا يمل لحسنه وتنوعه
والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم (75). قوله تعالى : والذين آمنوا من بعد وهاجروا، يريد من بعد الحديبية وبيعة الرضوان. وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة الأولى، والهجرة الثانية هي التي وقع فيها الصلح، ووضعت الحرب أوزارها نحو عامين ثم كان فتح مكة. ولهذا قال عليه السلام : لا هجرة بعد الفتح. متفق عليه. فبين أن من آمن وهاجر من بعد يلتحق بهم. ومعنى منكم أي مثلكم في النصر والموالاة. وفي الحديث المتفق عليه المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : المرء مع من أحب. وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : ثَلاثٌ هُنَّ حَقٌّ : لا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الإِسْلامِ كَمَنْ لا سَهْمَ لَهُ، وَلا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَبْدًا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ، وَلا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلا حُشِرَ مَعَهُمْ. رواه الطبراني. قال المنذري : إسناده جيد. وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب
وأما قوله تعالى : (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) أي : في حكم الله. نص ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغير واحد : على أنها ناسخة للإرث بالحلف والإخاء اللذين كانوا يتوارثون بهما أولا
والله أعلم
وانظر لشرح الحديث : لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم

المصادر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire